الأربعاء، 26 أبريل 2017

قصة مريم العزراء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة السابعة والعشرون من قصص الأنبياء





        مرحبا بكم غي مدونة الحكواتي .. ونعتذر عن الغياب ...  نذكر في الحلقة الماضية لما تكلمنا في قصة نبي الله زكريا ويحيى عليهما السلام كيف بنو إسرائيل ذبحوهما وقتلوهم ، ما زلنا في حقبة نبي الله زكريا هذه آخر حقبة في بني آسرائيل كما قلنا من قبل هذه الحقبة أصطفى الله عز وجل الناس أولا بأدم ثم نوح ثم إبراهيم عليهم السلام ثم أصطفهاهم بأل عمران فما قصتهم " إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " آل عمران كانت أسرة صالحة سما الله عز وجل صورة كاملة بأسمهم في القرآن أسرة عابدة صالحة وكل بني إسرائيل يشهدون لهم الفلاح كان هناك إمرأة زوجة عمران إمرأة صالحة كبرت ولم يرزقها الله أي ولد فدعت الله عز وجل يا رب إذا رزقتني ولدا نذرت فإنني سأستخدمه في خدمة بيت المقدس " رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وأستجاب لها الله عز وجل  وفعلا حملت ولا تدري ما هذا الحمل فلما وضعت حملها فإذا بها فتاة جميلة " فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " لكن ليست أي فتاة هذه بل ستكون سيدة من سيدات نساء العالمين فأليكم قصة هذه الفتاة ، كل مولود يولد  إذا ولد فإن الشيطان يمسه فيستهل المولود صارخا إلا مريم بنت عمران وأبنها عيسى عليه السلام الذي سنذكر قصته هذان الأثنان حفظهما الله من الشيطان بدعوة أمها وفعلا جاءت سيدة نساء العالمين وفعلا ولدت مريم العزراء تلك الفتاة التي كان الناس يترقبونها أل عمران سيأتيهم مولود هل هو زكر أو أنثى فلما وضعتها قالت ربي إني وضعتها أنثى كانت تظنها زكرا لأن في الخدمة الزكر خير من الأنثى لذلك هي تحتاج من يتكفلها إنها فتاة ، فإذا بعباد بني إسرائيل والرهبان والصالحين الكل يتمنى أن يتكفل مريم كلهم جاءوا لأم مريم ليطلبوا منها ومنهم نبي الله زكريا عليه السلام قبل أن يقتل يريد أن يتكفلها لكن حاله حال الناس لا بد من القرعة ، فقالوا لهم كل واحد يرمي قلمه في النهر كان عندهم أقلام فمن أراد الله أن يكفل مريم يجعل قلمه يجري عكس إتجاه القلم ، فإذا بالأقلام كلها ترمى ولا يبقى الا قلم زكريا عليه السلام فصار هو الذي يتكفل بها فأنبتها ربها نباتا حسنا وكفلها زكريا " وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ " .

      عاشت مريم عليها السلام في بيت المقدس تتعبد الله وتشكره وتصلي وتركع وتسجد وأجرى الله عز وجل أيات بينات كرامات لحظتها بنو إسرائيل ، وكما قلنا كفلها زكريا عليه السلام وكان يأتيها بالطعام والشراب وكان يجد أمورا غريبة على هذه الفتاة الذي جعل لها مكانة في بيت المقدس كان كما ذكرنا لكم سابقا يأتيها بالطعام فيجد طعام الصيف في الشتاء وطعام الشتاء في الصيف وكان يسألها من أين لك هذا ؟ تقول هو من عند الله عز وجل " كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ " مريم عليها السماء ترعرعت في بيت المقدس من بين صلاة وذكر وكانت تصلي الليل وفي يوم من الأيام جاءتها الملائكة تكلمها وهي قائمة تصليجت جاءوا يبشرونها بأول بشارة قالوا يا مريم إن الله يبشرك لتكوني سيدة نساء العالمين ، وسيدات نساء العالمين أربع على مر  التاريخ الأولى آسيا زوجة فرعون الثانية مريم العزراء والثالثة خديجة بنت خويلد والرابعة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم " وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ْ " ثم جاءت البشارة الثانية لمريم العزراء أي بشارة ؟ "إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ " من ؟ " الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " إنها البشارة الثانية .

        مريم العزراء تخرج من بيت المقدس لتقضي حاجة لها تخرج بعيدا من الناس وترى رجلا وهو ملك في الأصل لم تعلم أنه ملك فلما رأته قالت " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا " فرد عليها وقال لست بشرا إنما أنا ملكا من ملائكة الرحمن أنا جبريل ، قالت ما الذي جاء بك قال جئت " قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا " لو كانت إمرأة عدا مريم العزراء لفرحت بهذا الخبر أن سيكون منها نبي من أنبياء الله عز وجل لكنها لم تفرح بهذا الخبر لأنها حصنت فرجها وأحسن ما عندها كرامتها ولهذا قالت " قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا " فرد عليها جبريل وقال " قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا " وفعلا نفخ جبربل في جيب ذرها وحملت عليها السلام ومرت الأيام فلحظ الناس فجاءها رجل صالح من أهلها فرأى عليها أثار الحمل فأراد أن يسألها قال يا مريم أيكون زرع من غير بذر ؟ قالت نعم ، قال كيف يكون هذا ؟ فقالت وكانت زكية فمن خلق الزرع الأول وأصابت ثم سألها أيكون ولد من غير ذكر ؟ قالت نعم ، قال كيف هذا ؟ قالت من خلق أدم من غير ذكر ولا أنثى ، ثم قال لها كيف حصل هذا يا مريم ؟ قالت إن الله بشرني بأبن لي يكون أية للناس أسمه عيسى ، وفعلا مريم عليها السلام صبرت مع أن الكلام يدور أن مريم حامل ، كم أصيب أل عمران في هذا اليوم كم تكلم الناس على بيت زكريا ، وأبتلين وصبرت وأعطاها الله جزاء صبرها .

       جاءت اللحظة الموعودة لمريم ، خرجت وهي في بيت لحم الى مكان فيه نهر يجري ورأت نخلة فأستظلت بظلها وجلست تنتظر تلك اللحظات إنها لحظات صعبة وعسيرة مريم عليها السلام لا تفكر بالولادة من أجل الولادة ولكنها تفكر بما بعدها ، ماذا سيقول الناس ؟ ماذا سيفعلون ؟ هذه المرأة المتدينة من بيت آل عمران تلك السمعة الكريمة ماذا سيقولون إذا جاءت إليهم بالولد " فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا " فأنطق الله عز وجل عيسى بن مريم وهو للتو مولود " فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا " جعل ربك من رحمته النهر يجري من تحتك وهذه النخلة التي لا تثمر في هذا الوقت هزيها ينزل منها الثمر " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا " النهر يجري والرطب ينزل " فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا " أهدئي ولا تحزني يا أماه ، فإذا قمتي وحملتي الرضيع وذهبتي إلى الناس فلا تتكلمي مع أحد فإن الله سيدفع عنك الأذى لأن الله عز وجل يدافع عن الذين أمنوا " فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا " شربت من النهر فأرتوت وأكلت من الرطب وتقوت وحملت الرضيع وذاهبة الى قومها وأنطلقت مريم مع الرضيع الى قومها .

       جاءت مريم عليها السلام تحمل رضيعها الذي للتو ولد وهو عيسى عليه السلام ، تحمله وذهبت الى قومها فلما رأها بعض بيني إسرائيل تكلموا عليها وكعادتهم سبو الأنبياء وشتموا الصالحين ما بقي الأن الا مريم العزراء يتكلمون بعرضها قالوا أنتي يا مريم ؟ أنتي من آل عمران الأسرة الصالحة أنت أخت هارون ، وهارون كان من آل عمران وكان معروف بالصلاح والفلاح " فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا *َ أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا " وهل مريم العزراء يتكلم عليها ؟ سيدة نساء العالمين من أتتم حتى تتكلموا عليها ؟ لكنها وعدت ربها أن لا تتكلم ، فإذا بها تنظر وتشير إلى عيسى عليه السلام وهو للتو مولود ، فأستهزأوا بها وقالوا تشرين لطفل للتو ولد نتكلم عنه ؟ أتسخرين بنا يا مريم ؟ كيف نكلم من كان بالمهد صبيا ؟ فإذا بالطفل ينطق ويقول " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا " تخيلوا مولودا للتو ولد يتكلم كولد فصيح إنها أية من أيات الله عز وجل ، ثم نظر إلى والدته الحزينة مريم التي يتكلم فيها الناس وقال " وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ " إنه أية من أيات الله عز وجل عيسى بن مريم أخر أنبياء بني إسرائيل .

إلى هنا تنتهي قصة مريم العزراء سيدة نساء العالمين موعدنا في الحلقة القادمة إن شاء الله سنتحدث عن قصة عيسى عليه السلام وماذا حصل له . نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


لتحميل القصة كمقطع صوتي


ودمتم في رعاية الله وحفظه ...



0 التعليقات: